أيها المجريون..المعجزة في بيرن
بعد بطولة 1950 في البرازيل، شهدت الساحة الكروية بزوغ منتخبات مغمورة، وأفول منتخبات كانت متسيدة للساحة الكروية، فهاهي المجر (هنجاريا) المغمورة كرويا يصبح منتخبها الوطني الأفضل في العالم بقيادة الأسطورة المجرية بوشكاش، كيف لا والمنتخب المجري لم يتلق أي هزيمة منذ 4 أعوام بدءا من 14 مايو 1950. وأكد ذلك بتأهله لنهائيات كأس العالم في سويسرا 1954.
في النهائيات واجه المجريون في مجموعتهم منتخبات كوريا الجنوبية وألمانيا الغربية وتركيا، وكانت الإنتصارات كبيرة ومتتالية، سحق المنتخب المجري شباك نظيره الكوري الجنوبي بتسعة أهداف نظيفة وأمطر المنتخب الألماني بنتيجة قاسية 8-3، وكرر قسوته على الأتراك بنتيجة 7-0، ليتأهل في صدارة المجموعة ويرافقهم منتخب ألمانيا الغربية التي حلت في الوصافة.
كل من واجه منتخب المجر لم يسلم من قذائف بوشكاش ورفاقه، ففي الدور ربع النهائي فتغلبوا على البرازيل وصيفة النسخة السابقة 4-2، وفي الدور نصف النهائي تغلبوا بنفس النتيجة 4-2 على حامل اللقب الأوروغواي.
آمن الجميع حتى المجريون أنفسهم أنه لن يقف أحد في طريقهم نحو كأس جول ريميه، كيف لا وغريمهم في النهائي هو المنتخب الألماني الذي فازوا عليه في دور المجموعات في مدينة بازل وبنتيجة كبيرة 8-3، لكن مواجهة النهائي ستكون في العاصمة السويسرية بيرن.
وصف النهائي بين المجر وألمانيا الغربية على أنها نزال ملاكمة غير منصف بين طرفين أحدهم بوزن الفيل (المجر) وآخر بوزن الريشة (الألمان)، الكل مؤمن في قرارة نفسه أن فوز الفريق الذهبي المجري بكأس العالم هو مسألة تحصيل حاصل، حتى أن الوفد المجري في سويسرا أعد حفل استقبال للاعبين وكبار المسؤولين والصحافيين في اليوم التالي للنهائي.
أما في المجر فقد تم إصدار طوابع بريدية، وبدأ المسؤولين بإعداد تمثال ضخم للاعبي المنتخب المجري "الفريق الذهبي"، لأنه لم يشك أحد في قدرتهم على انتزاع الكأس حتى أكثر المتفائلين الألمان، ولكنهم كانوا مخطئين.
ففي النهائي الذي أقيم في عاصمة سويسرا بيرن، حضر النهائي 64 ألف مشجع، لم يلبث الألمان بإلتقاط انفاسهم حتى ضرب بوشكاش ورفاقه الحصون الألمانية بهدفين خلال 8 دقائق، وهذا ما جعل المجريون يركنون للتواكل، لكن الألمان دخلوا النهائي بروح عالية إيمانا منهم بعمل المستحيل، وها هي الدقيقة العاشرة من المباراة تعلن تقليص الألمان النتيجة وبعدها بثمان دقائق يحرز الجناح الألماني هيلموت ران هدف التعادل لينتهي الشوط الأول بالتعادل 2-2.
ارتفعت المعنويات كثيرا لدى الجانب الألماني وانخفضت كثيرا لدى الجانب المجري مع بداية الشوط الثاني وقبل نهاية اللقاء بستة دقائق تأتي المعجزة بهدف هيلموت ران وتنتهي المباراة بفوز الألمان 3-2 ، "المعجزة في بيرن" هكذا عنونت الصحف الألمانية الغربية في اليوم التالي، كيف لا وفريقهم مني من نفس الفريق المجري في الدور الأول بنتيجة ثقيلة 8-3 في بازل وها هو الرد الأهم وبنتيجة 3-2 لأنه حقق المطلوب وهو كأس العالم لأول مرة، وكانت معجزة بيرن مفاجاة سارة للألمان وكارثة على المجر ولم تشفع لهم نتيجة بازل الكبيرة 8-3.
المنتخب المجري أخيرا يتجرع الخسارة بعد أربعة اعوام و52 يوما، لكن خسارة اللقب الذي ظنوا انه بين أيديهم أقسى من أي خسارة، وكانت نهاية حقبة جميلة من تاريخ الكرة المجرية التي أبهرت وأمتعت الجميع، وبداية تاريخ جديد للكرة الألمانية.
هدف الفوز من ران |
بوشكاش أسطورة المجر يهنئ قائد ألمانيا فرينز رغم حزنه على ضياع اللقب |
No comments:
Post a Comment