Saturday, June 14, 2014

كأس العالم: أسطورة الكرة.. يوم لك وأيام عليك




 أسطورة الكرة.. يوم لك وأيام عليك


اتخذ من كرة القدم صديقة للطفولة، داخل البيت، في الشارع، هي معه دائما، بل كان يجعلها غالبا جزء من جسمه، أنه أعظم من لمس الكرة بقدميه، إنه أسطورة كرة القدم دييجو أرماندو مارادونا.

أبصر النور في 30 أكتوبر 1960، فلم تكن كرة القدم بعده كما كانت، ولد مارادونا من أب أرجنتيني وأم إيطالية، تعرف العالم على مارادونا في بطولة العالم للشباب في اليابان عام 1979، حين ساهم بفوز بلاده الأرجنتين بالبطولة وتحصل على جائز أفضل لاعب.



لعب في أرجنتينيوس جونيور ما بين 1976-1981، انتقل بعدها إلى بوكا جونيورز لمدة عام، إنتقل بعدها إلى برشلونة الأسباني قبل أشهر من انطلاق كأس العالم 1982.



شارك مارادونا في أول كأس عالم له في أسبانيا 1982، سجل هدفين في خمسة مباريات، وساعد منتخب بلاده في بلوغ الدور الثاني، لكن الأرجنتين آن ذاك  فشلت في تخطي الأدزوري الإيطالي والسليساو البرازيلي وعانى من العنف والحصار أدى إلى نهاية كأس العالم بالنسبة له حين خرج بالبطاقة الحمراء.


في عام 1984 إنتقل مارادونا إلى نابولي الإيطالي بصفقة هي الأعلى وقتها 6.9 مليون جنيه استرليني، بفضل مدير الكرة في نابولي الثعلب لوشيانو موجي، وفي نابولي كانت ذروة حياته الرياضية، وسرعان ما أصبح معشوق الجماهير هناك. وحقق معه البطولات المحلية والأوروبية لاحقا.

في كأس العالم 1986 بالمكسيك، اختار مدرب الأرجنتين لاعبين مميزين على رأسهم مارادونا ليكون قائد الفريق، من الصعب وصف مهارات مارادونا الذي قدم بطولة إستثنائية، فقد مرر 5 تمريرات حاسمة، وأحرز 5 أهداف، بالإضافة إلى سرعته ومراوغاته ولمساته، منها هدفيه في مرمى إنجلترا الأول عندما أحرزه بيده، والآخر عندما استلم الكرة من منتصف الملعب مراوغا كل من يقف أمامه إلى أن راوغ حارس إنجلترا شيلتون ليضعها في المرمى.



نهائي كأس العالم 1986 في المكسيك، وبحضور أكثر من 114 ألف متفرج في استاد ازتيكا الشهير، الذي دخل التاريخ كأول ملعب يحتضن نهائيين لبطولة كأس العالم، النهائي جمع الأرجنتين بألمانيا الغربية، صمد الألمان أمام مهارة مارادونا وفريقه حتى الدقيقة 23 عندما ارتقى جوزيه لويس براون لركله حرة ليسددها رأسية معلنا التقدم للأرجنتين 1-0، وينتهي الشوط الأول بهذه النتيجة، في الشوط الثاني وبعد تمريرة ذكية من مارادونا يحرز فالدانو هدف آخر للأرجنتين، الدقيقة 74 تعلن تقليص الفارق للألمان عن طريق المخضرم رومينيجيه، ثم يعادل الكفة رودي فولر في الدقيقة 81، بعدها يعلن بوروتشاغا الفوز للأرجنتين بهدف ثالث في الدقيقة 84، لتنتهي المباراة بفوز الفريق الأجدر على مدار البطولة،و لتتوج جهود مارادونا بكأس العالم 1986.






في كأس العالم 1990 بإيطاليا، كانت البداية متعثرة بعد الخسارة المفاجئة من الكاميرون 1-0، تاهلت الأرجنتين بصفته ثالث المجموعة خلف الكاميرون ورومانيا، طريق الأرجنتين إلى النهائي الثاني على التوالي والثالث خلال 4 نهائيات متتالية لم يكن سهلا ففي دور الـ 16 تغلبت الأرجنتين على البرازيل بهدف وحيد وعلى يوغوسلافيا في ربع النهائي بركلات الترجيح.

في نصف النهائي في نابولي بين إيطاليا والأرجنتين، وكلنا نعلم ماذا يعني مارادونا لسكان نابولي، دخل المنتخب الإيطاليا المستضيف وكأنه الضيف فكان الغالبية تشجع مارادونا وليس المنتخب الإيطالي، في الدقيقة 17 توتو سكيلاتشي هداف البطولة يحرز التقدم للطليان، لكن كان مقدرا أن يخطئ والتر زينجا ويتقدم عن مرماه ليحرز كانيجيا التعادل، كان هذا أول هدف يلج مرمى إيطاليا في البطولة وكان هدفا كلفهم خسارة كأس العالم، في النهاية آلت المباراة إلى ركلات الترجيح، التي حملت مارادونا ورفاقه إلى النهائي روما.

نهائي كأس العالم 1990 في روما وبحضور أكثر من 73 ألف متفرج، وفي نهائي لم يرتق للمباريات النهائية في كأس العالم، خسرت الأرجنتين من ألمانيا الغربية بهدف الظهير الألماني أندرياس بريمه في الدقيقة 85 من ركلة جزاء مشكوك في صحتها احتسبها الحكم المكسيكي ادجاردو كوسيدال الذي أشهر بطاقتين حمراوين  للاعبي الأرجنتين مونزون في الدقيقة 65 بعد إعاقته لكلينزمان، وديزوتي في الدقيقة 87.






في كأس العالم 1994 في أمريكا لعب مارادونا لقائين، ثم يتم إيقافه بعد ثبوت تعاطية مادة ايفيدرين المنشطة، إنتهت مسيرته مع المنتخب الأرجنتيني بهذه الطريقة بعد 91 مباراة دولية سجل خلالها 34 هدفا.

قدم الفيفا عام 2000 جائزة لاعب القرن لدييجو أرماندو مارادونا كأعظم لاعب في تاريخ كرة القدم خلال القرن الماضي، كان عدد الذين صوتوا لبيليه 23000 مقابل 78000 صوت لمارادونا،بغض النظر عن حياة مارادونا خارج المستطيل الأخضر إلا أنه يبقى أفضل من لمس الكرة بقدمية في تاريخ كرة القدم، وبسببه تغير مفهوم لعب كرة القدم.



شاهد مهارة مارادونا واكتم الصوت

Tuesday, June 10, 2014

كأس العالم: باولو السجين




باولو السجين


عام 1975 اكتشف نادي يوفينتوس الإيطالي موهبة قادمة في سماء الكرة الإيطالية، باولو روسي (19 عاما) فتم شرء بطاقة اللاعب وإعارته إلى نادي كومو ليكتسب الخبرة، لكنه عانى من إصابة في الركبة جعلته يقضي معظم الموسم في عيادة النادي.



بعد موسم واحد إنتقل بنظام الإعارة إلى فيتشينزا لمدة ثلاثة أعوام تم خلالها تغيير خانة لعبه من الوسط إلى الهجوم وأثمر ذلك بتتويجه هدافا لدوري الدرجة الثانية وثم الدرجة الأولى في موسمين على التوالي، ليتم إستدعائه في كأس العالم 1978، أعير بعدها إلى نادي بيروجا، وقتها اندلعت قضية التلاعب "توتونيرو" الخاصة بالمراهنات الرياضية، تورطت فيها شركتان وأحد كبار المراهنين، إتهم نادي ميلان بالتواطؤ وتم إسقاطة إلى الدرجة الثانية، وتورط عدة لاعبين من بينهم روسي وتم إيقافه 3 أعوام، يقول روسي مدافعا عن نفسه: كان يجب ان يدفع الثمن شخص مهم، وفهمت بسرعة أنني الضحية التي تم تعيينها.. كنت كبش فداء لمنع ازمة أخطر وأعمق.



مر عامين على الإيقاف وحان وقت الإستعداد لكأس العالم، وكاد الإيقاف أن ينهي مسيرة روسي مبكرا، لولا تدخل مدرب المنتخب الإيطالي إنزو بيرزوت، الذي استغل عقم الهجوم الإيطالي وفشله في كأس الأمم الأوروبية 1980، ليطلب من الرئيس الإيطالي ساندرو بيرتيني العفو عن باولو روسي، وبالفعل تم إصدار العفو عن روسي، وسط إحتجاجات واسعة.

أقيمت بطولة كأس العالم 1982 في أسبانيا، شهدت البطولة مشاركة منتخبات لأول مرة، الكويت، الجزائر، الكاميرون، هندوراس ونيوزيلاندا، وغابت عن المونديال هولندا (وصيف النسخة الماضية)، السويد والمكسيك، وبعد 12 عاما من الغياب عن المونديال تعود إنجلترا، بلجيكا، روسيا وتشيكوسلوفاكيا.



شهدت البطولة لأول مرة مشاركة 24 فريقا بدلا من 16 فريق، تم تقسيمهم إلى 6 مجموعات، وتميزت البطولة بالعديد من المبارايات المثيرة والممتعة، وتعد من أكثر البطولات إثارة بعد مونديال 1970.

في دور المجموعات كانت المفاجأة الأكبر في فوز المنتخب الجزائري على المنتخب الألماني 2-1، بقيادة ماجر وبلومي، كادت الجزائر أن تتأهل لولا مباراة العار بين الألمان والنمساويون والتي سميت بفضيحة خيخون نسبة لملعب المباراة، فكان فوز ألمانيا بهدف وحيد كافيا لتاهل النمسا وألمانيا معا، بعد أن سجل الألمان الهدف الأول أخذ المنتخبين بتبادل الكرات دون أي خطورة على مرمى الفريقين. خرجت الجزائر بشرف رغم أنها تملك 4 نقاط متساوية مع ألمانيا والنمسا.

رابح ماجر نجم الجزائر
وفجر النتخب البلجيكي مفاجأة بفوزة على حاملة اللقب الأرجنتين 1-0، وسط حصار لمارادونا وكمبس. أما من ناحية الأرقام القياسية فهدف الإنجليزي روبسون كان يعد وقتها الأسرع بعد 27 ثانية، وكان ذلك في مرمى المنتخب الفرنسي، وتنتهي المباراة 3-1 للإنجليز. أما البرازيل فكانت أنظار العالم تتوجه إليهم وتنتظر منهم المزيد، فكان المنتخب البرازيلي وقتها مرصع بلاعبين مهاريين على أعلى مستوى كزيكو وسقراط وفالكاو، ولم يخيبوا الآمال وتغلبوا على جميع فرق الدور الأول. أما إيطاليا فقد تأهلت بعد أداء باهت بعد 3 تعادلات واحد سلبي وآخرين إيجابيين.


تأهل إلى الدور الثاني 12 فريقا تم تقسيمهم على 4 مجموعات، المجموعة "أ" روسيا، بلجيكا وبولندا التي تأهلت عن هذه المجموعة، المجموعة "ب" ضمت أسبانيا، إنجلترا وألمانيا الغربية التي تأهلت عن هذه المجموعة، المجموعة "د" ضمت إيرلندا الشمالية، النمسا وفرنسا التي تأهلت عن هذه المجموعة.

أما المجموعة "ج" والتي سميت بمجموعة الموت كونها تضم 3 فرق من الوزن الثقيل وقد سبق لها الفوز بكأس العالم، البرازيل وإيطاليا والأرجنتين. اللقاء الاول جمع بين إيطاليا والأرجنتين، نجح الأدزوري من غلق المنطقة بفضل شيريا وكولوفاتي وبيرغومي، والجزار جينتيلي الذي ذبح مارادونا وأنهى خطورته في المباراة، وبفضل هدفي نجوم الوسط تارديللي وكابريني، انتهت المباراة 2-1.

جينتيللي كان كالظل لمارادونا

البرازيل تفوقت على الأرجنتين 3-1 في مباراة شهدت خشونة البرازيليين على مارادونا الذي لم يتمالك أعصابه فتم طرده من المباراة بعد ركله للمدافع البرازيلي في بطنه. بهذه النتيجة خرجت الأرجنتين من البطولة ودن أن يسجل كمبس هداف البطولة السابقة أي هدف.


المباراة الحاسمة في مجموعة الموت بين إيطاليا والبرازيل، كل الترشيحات انصبت في مصلحة البرازيل، لوجود القوة الهجومية، في مقابل عقم هجومي إيطالي، أما تقدم الأدزوري إلى هذه المرحلة فهو بفضل المدافعين شيريا وجينتيلي وكولوفاتي وبيرغومي ولاعبي الوسط كونتي وتارديللي وكابريني، الفوز أو التعادل بأي نتيجة في صالح السليساو، أما الأدزوري فكان لزاما عليه تحقيق النصر، بعد مرور 5 دقائق فاجاء باولو روسي الدفاع البرازيلي بهدف مباغت، 1-0 لإيطاليا، حتى جاء سقراط بالتعادل للبرازيليين في الدقيقة 12، ليرد روسي مجددا في الدقيقة 25 بهدف ثان، في الشوط الثاني وبعد محاولات وضغط برازيلي، ينجح فالكاو من معادلة الكفة مرة أخرى 2-2، ويعود نجم اللقاء روسي ويرجح كفة الإيطاليين في الدقيقة 74، بعدها طبق الإيطاليين الكاتاناتشو بحذافيرها حتى انتهى اللقاء بنتيجة 3-2. لتتأهل إيطاليا.





في نصف النهائي الأول بين إيطاليا وبولندا، فازت إيطاليا بهدفين لباولو روسي، أما ألمانيا الغربية فقد فازت على فرنسا ونجمها بلاتيني بركلات الترجيح 5-4 بعد التعادل الإيجابي في الوقت الأصلي 3-3.

نهائي كأس العالم 1982 أقيم باستاد سانتياغو بيرنابيو في مدريد، إنتهى الشوط الأول سلبيا رغم وجود ضربة جزاء للإيطاليين أهدرها كابريني، في الشوط الثاني انفجر الإيطاليين رغبة بالفوز فسجل روسي د57، ثم تارديللي د69، ثم ألتوبيللي د81، ومع كل هدف كان الرئيس الإيطالي ساندرو بيرتيني يقوم فرحا ضاربا كل البروتوكولات الرسمية عرض الحائط، وسط إنهيار ألماني، قبل أن يحفظ ماء الوجه المخضرم بول برايتنر د83. إذن إيطاليا بطلة العالم للمرة الثالثة في تاريخها. يتحدث روسي عن النصر الذي تحقق على الألمان في نهائي 1982: "كنا نشعر بأنه ما من قوة يمكن أن توقفنا، وأظهرنا ذلك على أرض الملعب بالسيطرة على المباراة أمام خصم ممتاز".

رفع كابتن الأدزوري وحامي عرينها دينو زوف البالغ من العمر آن ذاك 40 عاما كأس العالم بعد غياب دام 44 عاما، كانت هذه نهاية جيل أسطوري أخرج خلاصة مجهوداته، زوف، جينتيللي، شيريا، كولوفاتي، بيرغومي، أوريالي، تارديللي، كابريني، كونتي، جراسياني، كاوزيو، ألتوبيللي وبالأخص روسي.


باولو روسي الذي أحيى مسيرته الرياضية مرة أخرى بعد أن كادت تنتهي مبكرا. توج روسي كأفضل لاعبي البطولة وهداف البطولة برصيد 6 أهداف، وفي نفس العام تم تسليمه من قبل الإتحاد الدولي لكرة القدم جائزة الكرة الذهبية بصفته أفضل لاعب في العالم، والكرة الذهبية كأفضل لاعب في أوروبا.


لم يكن أكثر المتفائلين في إيطاليا يتوقع أن الأدزوري سيمضي بعيدا في المونديال، بعد فضيحة "توتونيرو" وبعد 3 تعادلات في دور المجموعات، كيف لا وقد وقعت في مجموعة الموت في الدور الثاني وجها لوجه مع البرازيل الأمتع في تلك البطولة والأرجنتين حاملة اللقب، لقد توقعوا خروجا مريرا لمنتخب بلادهم.


أما باولو روسي الذي  تلطخت سمعته بغض النظر عن تورطه أو برائته أصبح مجرما في نظر الإيطاليين قبل كأس العالم، وبعد كأس العالم أمسى ليس بطلا فحسب بل رمز للأمة الإيطالية وأسطورة خالدة في تاريخها الناصع.


صورة حديثة لباولو روسي


Sunday, June 8, 2014

كأس العالم: الطائر الجريح



 الطائر الجريح

بعد نهاية كأس العالم 1970، بدأ عقد جديد، كان لأفضل لاعب في العالم وقتها من دولة لم تكن تشتهر سوى بالطواحين والزراعة والتي تعرف بمملكة الأراضي المنخفضة (هولندا)، إنه الطائر الهولندي يوهان كرويف.

كانت عائلة كرويف تقطن بجوار ملعب لومير الخاص بنادي العاصمة الهولندية الشهير أياكس، وكان الصبي يوهان لم يبلغ الثامنة من عمره يتسلق أسوار الملعب يوميا ليشاهد تدريبات ناديه المفضل، رغم تحذير والده من فعل ذلك والذي كان يعمل بقالا، أما والدته فتعمل منظفة في النادي، هذا الأمر الذي ساعده على دخول النادي بعض الأحيان، فلاحظه أحد المهتمين بنادي أياكس وهو يلعب الكرة ولمس موهبه في هذا الصبي ليكون له شأن يوما ما، فسجله في النادي وهو في العاشرة، وهنا كانت نقطة البداية لأسطورة الكرة الهولندية خاصة وأسطورة السبعينات والكرة الشاملة يوهان كرويف، الذي لم يبلغ من العمر 17 من عمره إلا وقد التحق بالفريق الأول لأياكس.


لعب كرويف لنادي أياكس أمستردام من عام 1964 حتى عام 1973، والتحق بالمنتخب الهولندي وهو ابن 19 عاما، حقق لقب الكرة الذهبية كأفضل لاعب في أوروبا عامي 1971 و 1973، فاز بالدوري الهولندي 6 مرات مع أياكس، وكأس هولندا 4 مرات، ودوري أبطال أوروبا 3 مرات، وكأس القارات للأندية مرة واحدة، في عام 1973 إنتقل لنادي برشلونة الأسباني وحقق معه الدوري بعد غياب 14 عاما. كان كل هذا قبل بداية كأس العالم 1974.



 أقيمت كأس العالم 1974 في ألمانيا الغربية، كانت دورة الكرة الشاملة، حيث كانت البطولة مسرحا لعرض مهارات وإبداعات يوهان كرويف وفرانز بيكنباور قائد ألمانيا الغربية وبايرن ميونخ، امتدت المنافسة بينهما من النطاق الأوروبي إلى النطاق العالمي في تلك البطولة.

أما مصطلح الكرة الشاملة يطلق على نظرية تكتيكية تمكن أي لاعب من إشغال مركز لاعب آخر في نفس الفريق باستثناء حارس المرمى، كان مبدأ الكرة الشاملة يتمحور حول خلق المساحة وإشغالها وتنظيمها وكأنك مهندس معماري على أرضية الملعب، ولخصها يوهان كرويف: كرة القدم بسيطة، لكن لعبها ببساطة هو أصعب ما في الأمر.

وقد ظهرت هذه النظرية لأول مرة في الخمسيتيات مع منتخب المجر بقيادة بوشكاش، وتظهر مرة أخرى على يد مدرب أياكس ومنتخب هولندا في نهاية الستينيات رينوس ميلخر. 

سجلت البطولة غياب كل من إنجلترا وروسيا بعد فشل الأولى في التأهل للبطولة، ورفض الثانية للعب مباراة فاصلة مع تشيلي لأسباب سياسية.

في دور المجموعات تأهلت ألمانيا الغربية ثانية خلف ألمانيا الشرقية، الأمر الذي أبعدها عن مواجهة البرازيل وهولندا والأرجنتين، أما هولندا فقد تصدرت مجموعتها بفوزين وتعادل.

شهدت البطولة موفقا طريفا في مباراة البرازيل وزائير، كان الحكم قد احتسب ركلة حرة للمنتخب البرازيلي وحين اطلق الحكم الصافرة بدأ اللعب قام ألونجا ظهير المنتخب الزائيري بتشتيت الكرة، فأشهر الحكم البطاقة الصفراء في وجهه. يشرح ألونجا الموقف لاحقا: أنه بعد هزيمتهم القاسية في المباراة الثانية من يوفوسلافيا 0-9، قام رئيس البلاد بتهديدهم في حالة خسارتهم بـأكثر من ثلاث أهداف مجدداً، لكنهم أخيرا نجحوا في ذلك وخسروا اللقاء الأخير من البرازيل 0-3.


في الدور الثاني لأول مرة يكون بنظام مجموعتين، المتصدر يتاهل مباشرة إلى نهائي ميونخ. المجموعة الأولى ضمت البرازيل حاملة اللقب وألمانيا الشرقية وهولندا والأرجنتين، تفوقت هولندا بقيادة الطائر كرويف على جميع الفرق حتى البرازيل التي كانت تائهة بدون بيليه التي افتقدته بعد الإعتزال رغم وجود أبطال العالم ريفيلينو وجيرزينيوفركنوا إلى العنف والركل بدون كرة وشهدت المباراة كم كبيرا من البطاقات الملونة، في المجموعة الثانية تصدرت ألمانيا الغربية على حساب بولندا والسويد ويوغسلافيا. لتتأهل هولندا وألمانيا الغربية إلى النهائي.



في 7 يوليو 1974 أقيم نهائي كأس العالم العاشرة في استاد ميونخ الأوليمبي، في البداية تناقل الهولنديون الكرة في ما بينهم وبدأ الإنتشار وتغيير المراكز بين اللاعبين بشكل واضح إلى أن استلم كرويف الكرة وأخذ يجول بالكرة في ثلثي الملعب حتى توغل بين الدفاعات الألمانية إلى أن تمت عرقلته من قبل المدافع الألماني بيرتي فوغتس على رأس منطقة الجزاء، ويحتسبها الحكم ضربة جزاء، انبرى لها يوهان نيسكينز محرزا هدف التقدم للطواحين الهولندية في الدقيقة الثانية، ليكون أسرع هدف في تاريخ المباريات النهائية لكأس العالم، بداية دارماتيكية لمباراة نهائية، تلاعب كرويف ورفاقه بالمنتخب الألماني حتى الدقيقة 24، عندما احتسب الحكم ضربة جزاء للمانشافت الألماني، وضعها بول برايتنر على يمين الحارس جان جونغبلويد معلنا التعادل في الدقيقة 25، أتبعه جيرد مولر بهدف ثانٍ في الدقيقة 43 وكأن الهدف الهولندي المبكر أثر على سلبيا على أداء اللاعبين، لينتهي الشوط الأول بهذه النتيجة 2-1 لألمانيا، عند صافرة النهاية سدد ويليام فان هانيجيم الكرة بقوة في اتجاه الحكم فاضطر الحكم لإنذاره شفهيا لكن كرويف هاجم الحكم بشدة بسبب عدم حمايته من عنف المدافع الألماني فوغتس، لذا وجه له الحكم البطاقة الصفراء الأولى في التاريخ كونها خارج وقت المباراة، في الشوط الثاني سيطر الهولنديون لكن دون جدوى فقد أضاع الهولنديون فرصا كثيرة محققة وقف لها الحارس الألماني العملاق سيب ماير سدا منيعا، لتنتهي المباراة بفوز ألمانيا الغربية للمرة الثانية في تاريخها وليعيد التاريخ نفسه مع ألمانيا عندما قابلت الفريق الأقوى في العالم وقتها المجر في نهائي عام 1954، ها هي تعيد الكرة أمام المنتخب الأقوى في ذلك الوقت هولندا بعد تأخرها. ليرفع قيصر الكرة الألمانية فرانز بيكنباور كأس الفيفا الجديد وسط حزن وجراح الهولندي الطائر وبكاء الهولنديين.


لعب يوهان كرويف لمنتخب هولندا 48 مباراة سجل 33 هدفا ما بين عامي 1966-1977، أجمل لحظات هذا القائد البارع عندما قاد منتخب بلاده إلى المباراة النهائية وأمتع العالم بمهاراته وتوغلاته، شعر الكثير بالحزن لأنه لم يتمكن من الفوز بكأس العالم 1974، لذلك وقف الجمهور وصفقوا لهذا النجم وتمنوا له الفوز بالبطولة المقبلة في الارجنتين.  


طريقة كرويف في التخلص من مراقبة المدافعين

واصلت الكرة الهولندية تسيدها للكرة العالمية بالكرة الشاملة، وكذلك الهولندي الطائر كرويف الذي نال الكرة الذهبية لعام 1974، حتى قبل نهائيات كأس العالم في الأرجنتين 1978، وقتها تلقى العالم وهولندا خصوصا الخبر المحزن بإعتزال يوهان كرويف كرة القدم دوليا بعد تلقيه تهديدا بالقتل إن سافر إلى الأرجنتين.

ورغم افتقاد المنتخب الهولندي لقائده كرويف في الأرجنتين 1978 إلا أنه وصل إلى النهائي، لكنه يومها افتقد كرويف، وخسر الهولنديون في الأشواط الإضافية 3-1. وبذلك تنتهي حقبة ذهبية للكرة الشاملة.



Thursday, June 5, 2014

كأس العالم: بيليه.. والرقصة الاخيرة


بيليه..والرقصة الأخيرة


لأول مرة نقلت مباريات كأس العالم على الهواء مباشرة "بالألوان"، كان ذلك في البطولة التاسعة في المكسيك عام 1970، وشاهد العالم هذه المرة السحر الأصفر ورقصات بيليه ورفاقه ملونة. ولأول مرة تم إستعمال كرة "أديداس" ذات اللونين الأسود والأبيض والتي أطلق عليها اسم "تيلستار" والتخلي عن الكرة المعروفة ذات اللون الأحمر. ولأول مرة تظهر البطاقات الملونة، الأصفر دلالة على الإنذار، والاحمر دلالة على الطرد، ولأول مرة يتم السماح للمنتخبات باستبدال لاعبين اثنين في المباراة الواحدة مما ساعد المدربين على إعادة رسم تكتيك الفريق. ولأول مرة يقام حفل إفتتاح لبطولة كأس العالم كان ذلك في ميكسيكو سيتي على استاد أزتيكا.

البرازيل تتفوق على جميع الفرق التي واجهتها، بما فيها حاملة اللقب إنجلترا (في دور المجموعات)، تميز البرازيليون بخطة هجومية بقيادة أكبر لاعبي المنتخب البرازيلي بيليه (30 عاما) الذي هدد بالإعتزال الدولي بعد تعرضه للخشونه والركل المتعمد في البطولة السابقة بإنجلترا، لكنه تراجع عن قراره قبل بداية البطولة عام 1970.

حاملة اللقب إنجلترا فشلت في تخطي الدور ربع النهائي، إذ كان الخصم المتربص هذه المرة عازما في الثأر من هزيمة نهائي 1966، إنه منتخب ألمانيا الغربية وبوجوه ممزوجة بين الشباب والخبرة، فاز الألمان 3-2 وبالأشواط الإضافية أيضا، هدف الفوز كان من إمضاء جيرد مولر الذي توج لاحقا هدافا للبطولة برصيد 10 أهداف.

إيطاليا قدمت في هذه البطولة أسلوب لعب مغاير عن أسلوب الفرق الأخرى حتى أعن أسلوبها في البطولات السابقة، أسلوب ابتكره مدرب نادي إنترناسيونالي الأرجنتيني هيلينو هيريرا يدعى بالكاتاناتشو، هذا الأسلوب سيظل ملازما للطليان حتى تخلوا عنه في السنوات القليلة الماضية، هي طريقة تعتمد على الدفاع وسد طرق المرمى أمام المهاجمين (4-2-3-1)، هذه الطريقة آتت أكلها فقد تأهلت إيطاليا إلى الدور الثاني متصدرة مجموعتها بشباك نظيفة ولها هدف وحيد، بفوز وتعادلين سلبيين، وفي الدور الثاني دكت إيطاليا حصون المكسيك 4-1 بفضل ريفا وريفيرا، في نصف النهائي تغلبت على ألمانيا الغربية بشق الأنفس، شهد اللقاء تقلب الكفه بين إيطاليا وألمانيا إلى أن رجحت كفة الطليان وتأهلوا للنهائي 4-3.

البرازيل في ربع النهائي تتغلب على البيرو 4-2، الأمر الطريف في تلك المباراة أن المدرب ماريو زاجالو يقود المنتخب البرازيلي بينما كان يقود تدريب المنتخب البيروفي زميله السابق في منتخب البرازيل ديدي، نذكر أنهما الفائزان بالبطولة عامي 1958 و1962 ومعهما بالطبع بيليه. في نصف النهائي واجهت الأوروغواي التي تقدمت لكن البرازيليون قلبوا الكفة بثلاثة أهداف عن طريق كلودو ألدو وجيرزينيو وريفيلينو. لك اللقطة الأجمل كانت لبيليه حينما ترك بيليه الكرة تمر من تحت الحارس لكن كرته ضاعت وإلا كان سيعد الهدف الأجمل في البطولة وقبلها حركة جيرزينيو عندما قطع الكرة وأخد يحرك جسمه بدون كرة وكأنه يرقص ليمررها إلى توستاو ثم إلى بيليه.



أقيم النهائي بين إيطاليا والبرازيل، يوم 21 يونيو 1970 في استاد أزتيكا في ميكسيكو سيتي، وبحضور قرابة 110 ألف مترج، لأول مرة يتقابل فريقان بطلان لهذه البطولة في النهائي، إيطاليا بطلة عامي 1934 و1938، والبرازيل بطلة عامي 1958 و 1962، الفائز منهما سيحمل كأس جول ريميه معه للأبد، بدأت المبارة بالهجوم البرازيلي محاولا إختراق حصون الكاتاناتشو الإيطالية التي ركزت على استثمار الخطط الدفاعية لإفشال بناء الهجمات البرازيلية، لكن ذلك لم يمنع البرازيل من بناء هجمة تلو أخرى وسط حصار أصفر للحصون الزرقاء استمر 18 دقيقة حتى أحرز بيليه الهدف الأول من كرة رأسية، هدف للتاريخ، هدف البرازيل رقم (100) في مشاركاتها في كأس العالم، وآخر أهداف بيليه مع منتخب بلاده في كأس العالم، هدف زاد من عزم الطليان وبقيادة ساندرو ماتزولا على بناء هجمات مدروسة ونجحوا قبل نهاية الشوط الأول عن طريق بونينسينيا وبخطأ فادح من البرازيلي كلودو ألدو، انتفض البرازيليون في الشوط الثاني بعد ارتباك دفاعي ليحرز جيرسون الهدف الثاني في الدقيقة 66، ثم في الدقيقة 71 يدخل جيرزينيو التاريخ بتسجيله في كل مباريات البرازيل في البطولة، وختام المهرجان عن طريق قائد الفريق كارلوس ألبيرتو بعد تمريرة ذكية من بيليه وكان ذلك في الدقيقة 86. إذن كأس جول ريميه تغادر إلى ريو دي جانيرو. بعدها قرر بيليه (30 عاما) إعتزال كرة القدم دوليا متوجا وفي القمة.


Tuesday, June 3, 2014

كأس العالم: كرة القدم تعود لمهدها


كرة القدم تعود لمهدها

قبل ذكر أحداث بطولة كأس العالم 1966 بإنجلترا، لابد أن نذكر أن بطولة كأس العالم عام 1958 في السويد بطولة سيخلدها التاريخ لأنها أنجبت أساطير كرة القدم، منهم الجوهرة السوداء بيليه نجم البرازيل الذي ساهم في إحراز بلاده كأس العالم وهو إبن 17 عاما، ومن فرنسا نجمها جوست فونتين الذي مايزال رقمه صامدا حتى يومنا هذا كأكثر الهدافين تسجيلا خلال بطولة واحدة برصيد 13 هدفا.

جوست فونتين

أما بطولة كأس العالم 1962 في تشيلي فبالرغم من غيابه عن النهائي بداعي الإصابة إلا أن اسم بيليه يبقى كأحد أهم اللاعبين المساهمين بفوز المنتخب البرازيلي بكأس العالم الثاني على التوالي ومعادلة إيطاليا في هذه الحيثية ومعادلة الأروغواي وإيطاليا من حيث العدد، لكن تاريخ البطولة سيذكر بطولة جارنيشيا الذي قاد البرازيل بالفوز في النهائي ضد تشيكوسلوفاكيا بعد تأخرهم بهدف.

جارنيشيا وبيليه

قبل بدأ بطولة العالم 1966 في إنجلترا، قاطعت دول آسيا وأفريقيا (عدا كوريا الشمالية) التصفيات المؤهلة للنهائيات إحتجاجا على توزيع الإتحاد الدولي لكرة القدم لعدد المقاعد المخصصة لآسيا وأفريقيا فخصص الإتحاد الدولي للكرة مقعدا واحدا لكل من القارتين أي نصف مقعد بينهما، بينما أعطيت أوروبا 9 مقاعد وأمريكا الجنوبية 4 مقاعد.

اسم بيليه يعود مرة أخرى كأول لاعب يسجل في 3 بطولات متتالية لكأس العالم، لكن ذلك لم يشفع لحدوث المفاجأة، فقد خرجت البرازيل حاملة اللقب من دور المجموعات، بعد خسارة أخر لقائين مع المجر 1-3، ومع الحصان الأسود لتلك البطولة البرتغال ونجمها أوزيبيو 1-3، برر بيليه الذي أصيب في اللقاء الأخير مع البرتغال خروج البرازيل بسبب الخشونة الزائد عليه وأنه لا يريد اللعب في بطولة كأس عالم أخرى لهذه الأسباب، الأمر الذي جعل أوزيبيو يرد عليه أن بيليه أتى للبطولة مصابا والكل يعلم أنه مصاب وبيليه نفسه يعلم أنه مصاب.

كان نجم البطولة الأول بلا منازع هو أوزيبيو دا سيلفا فيريرا النجم البرتغالي الموزمبيقي الأصل، فقد أحرز 9 أهداف من 6 مباريات ليتوج هدافا للبطولة، ساهمت أهدافه منتخب بلاده بالوصول للأدور النهائية. لكن حلم النهائي تبخر في نصف النهائي أمام أصحاب الأرض الإنجليز أبطال البطولة لاحقا، واكتفى البرتغاليون بالمركز الثالث.

أوزيبيو
يوم 30 يوليو 1966، يوم النهائي الحلم للإنجليز وأمام ما يقارب 97 ألف متفرج حضروا اللقاء النهائي لكأس العالم بين ألمانيا الغربية حاملة لقب عام 1954 والمنتخب الإنجليزي، كانت مباراة حافلة بالهجمات الخطيرة، رغم قرب الإنجليز من الفوز إلا أن التعادل جاء في اللحظات الأخيرة، لتنتهي الأشواط الأصلية بالتعادل 2-2، كانت هذه أول مرة في تاريخ بطولات كأس العالم تنتهي الأشواط الأصلية بالتعادل،وأول مرة تلعب الأشواط الإضافية، 15 دقيقة للشوط الواحد، حتى جاءت الدقيقة 101 بأكثر الأهداف إثارة للجدل حتى يومنا هذا عن طريق جيف هرست، حتى الحكم عجز عن الحكم فيها فاظطر لمساعدة حكم الراية الذي أخبره أن الكرة تجاوزت خط المرمى، واحتسب هدفا ثالثا للانجليز رغم إحتجاجات الألمان، وأضاف هيرست الهدف الرابع لإنجلترا الدقيقة 120، ليعلن الحكم رسميا عودة الكرة إلى مهدها إنجلترا، وتسجل إنجلترا نفسها بين أبطال العالم لأول مرة.

هدف هيرست المثير للجدل


ما رأيك هل كانت هدفا أم لا؟

Monday, June 2, 2014

كأس العالم: أيها المجريون..المعجزة في بيرن



أيها المجريون..المعجزة في بيرن


بعد بطولة 1950 في البرازيل، شهدت الساحة الكروية بزوغ منتخبات مغمورة، وأفول منتخبات كانت متسيدة للساحة الكروية، فهاهي المجر (هنجاريا) المغمورة كرويا يصبح منتخبها الوطني الأفضل في العالم بقيادة الأسطورة المجرية بوشكاش، كيف لا والمنتخب المجري لم يتلق أي هزيمة منذ 4 أعوام بدءا من 14 مايو 1950. وأكد ذلك بتأهله لنهائيات كأس العالم في سويسرا 1954.

في النهائيات واجه المجريون في مجموعتهم منتخبات كوريا الجنوبية وألمانيا الغربية وتركيا، وكانت الإنتصارات كبيرة ومتتالية، سحق المنتخب المجري شباك نظيره الكوري الجنوبي بتسعة أهداف نظيفة وأمطر المنتخب الألماني بنتيجة قاسية 8-3، وكرر قسوته على الأتراك بنتيجة 7-0، ليتأهل في صدارة المجموعة ويرافقهم منتخب ألمانيا الغربية التي حلت في الوصافة.

كل من واجه منتخب المجر لم يسلم من قذائف بوشكاش ورفاقه، ففي الدور ربع النهائي فتغلبوا على البرازيل وصيفة النسخة السابقة 4-2، وفي الدور نصف النهائي تغلبوا بنفس النتيجة 4-2 على حامل اللقب الأوروغواي.

آمن الجميع حتى المجريون أنفسهم أنه لن يقف أحد في طريقهم نحو كأس جول ريميه، كيف لا وغريمهم في النهائي هو المنتخب الألماني الذي فازوا عليه في دور المجموعات في مدينة بازل وبنتيجة كبيرة 8-3، لكن مواجهة النهائي ستكون في العاصمة السويسرية بيرن.

وصف النهائي بين المجر وألمانيا الغربية على أنها نزال ملاكمة غير منصف بين طرفين أحدهم بوزن الفيل (المجر) وآخر بوزن الريشة (الألمان)، الكل مؤمن في قرارة نفسه أن فوز الفريق الذهبي المجري بكأس العالم هو مسألة تحصيل حاصل، حتى أن الوفد المجري في سويسرا أعد حفل استقبال للاعبين وكبار المسؤولين والصحافيين في اليوم التالي للنهائي.

أما في المجر فقد تم إصدار طوابع بريدية، وبدأ المسؤولين بإعداد تمثال ضخم للاعبي المنتخب المجري "الفريق الذهبي"، لأنه لم يشك أحد في قدرتهم على انتزاع الكأس حتى أكثر المتفائلين الألمان، ولكنهم كانوا مخطئين.

ففي النهائي الذي أقيم في عاصمة سويسرا بيرن، حضر النهائي 64 ألف مشجع، لم يلبث الألمان بإلتقاط انفاسهم حتى ضرب بوشكاش ورفاقه الحصون الألمانية بهدفين خلال 8 دقائق، وهذا ما جعل المجريون يركنون للتواكل، لكن الألمان دخلوا النهائي بروح عالية إيمانا منهم بعمل المستحيل، وها هي الدقيقة العاشرة من المباراة تعلن تقليص الألمان النتيجة وبعدها بثمان دقائق يحرز الجناح الألماني هيلموت ران هدف التعادل لينتهي الشوط الأول بالتعادل 2-2.

ارتفعت المعنويات كثيرا لدى الجانب الألماني وانخفضت كثيرا لدى الجانب المجري مع بداية الشوط الثاني وقبل نهاية اللقاء بستة دقائق تأتي المعجزة بهدف هيلموت ران وتنتهي المباراة بفوز الألمان 3-2 ، "المعجزة في بيرن" هكذا عنونت الصحف الألمانية الغربية في اليوم التالي، كيف لا وفريقهم مني من نفس الفريق المجري في الدور الأول بنتيجة ثقيلة 8-3 في بازل وها هو الرد الأهم وبنتيجة 3-2 لأنه حقق المطلوب وهو كأس العالم لأول مرة، وكانت معجزة بيرن مفاجاة سارة للألمان وكارثة على المجر ولم تشفع لهم نتيجة بازل الكبيرة 8-3.

المنتخب المجري أخيرا يتجرع الخسارة بعد أربعة اعوام و52 يوما، لكن خسارة اللقب الذي ظنوا انه بين أيديهم أقسى من أي خسارة، وكانت نهاية حقبة جميلة من تاريخ الكرة المجرية التي أبهرت وأمتعت الجميع، وبداية تاريخ جديد للكرة الألمانية.



هدف الفوز من ران

بوشكاش أسطورة المجر يهنئ قائد ألمانيا فرينز رغم حزنه على ضياع اللقب



Sunday, June 1, 2014

كأس العالم: كارثة ماراكانازو




كارثة ماراكانازو


بعد توقف بطولة كأس العالم 12 عاما بسبب الحرب العالمية الثانية، قرر الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أن يعوض بطولتي 1942 و 1946، لكن "فيفا" لم يعثر على أي من الدول الأوروبية قادرة على الإستضافة بعد أن أنهكت بسبب الحرب، وكان الإتحاد الدولي للعبة يخشى عدم توفر الموارد والأرباح وبالتالي فشل البطولة.

إلى أن جاء الفرج من أمريكا الجنوبية بتقدم البرازيل للإستضافة بطولة كأس العالم لكن بشرط ان تكون في عام 1950 وليس كما كان مقررًا من قبل الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أن تقام عام 1949، يذكر أن البرازيل وألمانيا هما من تقدما بطلب إستضافة كأس العالم لعام 1942، لكن ألمانيا لم تتقدم مرة أخرى ولم تشارك في البطولة الرابعة عام 1950 بسبب إحتلال دول التحالف لها بعد خسارة الحرب العالمية، الأمر ينطبق من حيث المشاركة على اليابان.

واصل الإتحاد الدولي لكرة القدم محاولاته لإنجاح البطولة، وواصل الضغط على المنتخب الإيطالي لحضور البطولة بوصفه حاملا للقب الأخير عام 1938 في فرنسا، لكن إيطاليا كانت للتو خرجت من الحرب خاسرة حالها حال ألمانيا واليابان ولم تعتقد أنه بمقدورها المشاركة وتحمل تكاليف فوق طاقتها، الأمر الذي جعل الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أن يتحمل كافة مصاريف المنتخب الإيطالي في البطولة.

كانت البطولة الرابعة في البرازيل عام 1950 بحق بطولة حافلة بالإثارة والعجائب ولا تخلو حتى من الطرائف، فقد كان من المقرر أن يتأهل 14 فريقا بالإضافة إلى البرازيل المستضيف وإيطاليا حاملة اللقب ليكون الإجمالي 16 منتخبا وطنيا، إلى أنه في نهاية الأمر تقرر أن تلعب البطولة بثلاثة عشر فريقا بينهم الفريق المضيف وحامل اللقب وذلك بعد إستبعاد تركيا واسكتلندا والهند.

ولإستبعاد المنتخب الهندي عن البطولة قصة هي الأكثر طرافة وغرابة، ليس من ناحية الإستبعاد بل حتى من ناحية التأهل، فتأهل المنتخب الهندي إلى البطولة دون أي جهد يذكر عن قارة آسيا، فقد كانت التصفيات الآسيوية لكأس العالم تضم4 منتخبات هي أندونيسيا وبورما والفلبين بالإضافة إلى الهند، وتم إستبعاد الفلبين ثم بورما ثم أندونيسيا وبعد ذلك اعتبرت الهند فائزة بكل المباريات وبالتالي التأهل لأول مرة لكأس العالم، وبدون أن يسجل أي هدف.

كان الهنود ينتظرون البطولة بلهفة وكان من الطبيعي أن يتعرف الإتحاد الدولي لكرة القدم على الفرق المشاركة ونوعية ملابسهم وأحذيتهم، فأجابت إدارة المنتخب الهندي أنهم لا يرتدون أي نوع من الأحذية وإنما يلعبون الكرة حفاة، فتم إستبعاد المنتخب الهندي عن المشاركة بعد رفضهم ارتداء الأحذية وبذلك تبخر الحلم الهندي.

انتهى دور المجموعات من البطولة بمفاجئة مدوية، وهي خروج إيطاليا حاملة لقب البطولتين السابقتين 1934 و1938 من دور المجموعات، فيما تأهل متصدر كل مجموعة وهي البرازيل والأوروغواي وأسبانيا والسويد إلى الدور الثاني، نظام الدور الثاني من هذه البطولة يلعب على شكل دوري مصغر بين الفرق الأربعة المتأهلة إلى هذا الدور.

فكانت الجولة الأخيرة هي الحاسمة بين البرازيل والأوروغواي، بعد أن فاز ت البرازيل على أسبانيا والسويد وحصدت 4 نقاط من فوزين ولها 13 هدفا وعليها هدفين فقط، أما الأوروغواي حصدت 3 نقاط من تعادل وفوز ولها 5 أهداف وعليها 4 أهداف.

كانت المؤشرات تدل على أن البطل هذه المرة هي البرازيل، وكان الشعب البرازيلي بأكملة متاكدا من الفوز بالبطولة إذ كان منتخبهم يحتاج إلى التعادل من لقاء الأوروغواي، درجة التأكد كان مبالغا فيها لدرجة أن اللجنة المنظمة نقشت أسماء لاعبي المنتخب البرازيلي على الميداليات الذهبية.

عمت الأفراح أرجاء البرازيل والإحتفالات بدأت قبل أن تبدأ المباراة الختامية في ملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو، زاد تيقن البرازيليون من الفوز باللقب عندما تقدموا بالنتيجة بعد مرور دقيقتين من بداية الشوط الثاني في الدقيقة 47، وعمت الأفراح التي سبقت الكارثة، فقد جاء رد الأوروغواي بالتعادل في الدقيقة 66، حتى أخرس ألسيندو جيجيا الماراكانا والشعب البرازيلي بأكمله وأفسد إحتفالاتهم بهدف الفوز في الدقيقة 79، تحطم البرازيليون بعدها ولم يستطيعوا احراز هدف يشفع لهم بالظفر بالكأس الغالية، عندها علت أصوات البكاء والنياح أرجاء استاد ماراكانا، لكن الجمهور البرازيلي رسم أجمل لوحة بالتصفيق للأروجواي لأنهم لم يستسلموا وفازوا باللقب بكل جدارة. وسميت بعد ذلك بكارثة ماراكانازو.



كان المنتخب البرازيل يرتدي الألوان البيضاء لكن بعد تلك الكارثة قررت الفيدرالية البرازيلية للكرة بتغيير اللون من الأبيض إلى الأصفر، التشاؤم لم يشمل قمصان المنتخب فقط بل حتى شمل استاد ماراكانا فلم يلعب المنتخب البرازيلي مباراة واحدة لمدة عامين على أرضية هذا الملعب.

قال ألسيندو جيجيا لاحقا: "ثلاثة نجحوا في إسكات ملعب ماراكانا: فرانك سيناترا، البابا وأنا". يذكر أن جيجيا هو الوحيد الذي مازال على قيد الحياة ممن حضر كارثة ماراكانازو.

كأس العالم: مونتي...نهائيين متتاليين لمنتخبين مختلفين



لويس مونتي

نهائيين متتاليين لمنتخبين مختلفين


الإيطالي الأرجنتيني لويس فيليبي مونتي، إسم سيخلده تاريخ كأس العالم بأنه اللاعب الوحيد في التاريخ الذي لعب لمنتخبين مختلفين في نهائيان لكأس العالم متتاليين، شارك مونتي أولا مع منتخبه الأصلي الأرجنتين في نهائي كأس العالم الأولى في الأروغواي عام 1930 والتي خسرها من منتخب الأوروغواي 2-4. ثم بعد أربعة أعوام شارك مع المنتخب الإيطالي في كأس العالم الثانية عام 1934 في إيطاليا وبقرار سياسي من الزعيم الفاشي بينيتو موسوليني وبسبب أصول مونتي الإيطالية. ليلعب النهائي الثاني له ويتغلب هذه المرة هو وزملائه في المنتخب الإيطالي على تشيكوسوفاكيا 2-1، ليصبح الوحيد في التاريخ الذي يلعب في نهائيي كأس عالم متتايين ومع منتخبين مختلفين.

يقال أن مونتي كان لاعب قاسي وغير مسئول ولكنه كان يتمتع بالمهارات الجيدة التي ساعدته كثيرا في التميز في مهارة الاستخلاص . كان يلعب في مركز الوسط المحوري المهاجم حسب الخطط القديمة والذي يوازي الوسط المدافع حسب الخطط الحالية . كانت مهمته الرئيسية مراقبة مهاجم الأوسط في حالة الدفاع ولكن في حالة الهجوم فإنه يتحول إلى صانع ألعاب .

لعب مونتي للمنتخب الأرجنتيني 16 مباراة دولية وسجل 5 أهداف ما بين أعوام 1924-1931، ومن ثم لعب للمنتخب الإيطالي 18 مباراة دولية وسجل هدف وحيد ما بين أعوام 1932-1936.

الأندية التي لعب لها مونتي:

1921 هوراكان (الأرجنتين)
1922 بوكا جونيورز (الأرجنتين)
1922-1930 سان لورينزو (الأرجنتين)
1930-1939 يوفينتوس (إيطاليا)