Tuesday, June 10, 2014

كأس العالم: باولو السجين




باولو السجين


عام 1975 اكتشف نادي يوفينتوس الإيطالي موهبة قادمة في سماء الكرة الإيطالية، باولو روسي (19 عاما) فتم شرء بطاقة اللاعب وإعارته إلى نادي كومو ليكتسب الخبرة، لكنه عانى من إصابة في الركبة جعلته يقضي معظم الموسم في عيادة النادي.



بعد موسم واحد إنتقل بنظام الإعارة إلى فيتشينزا لمدة ثلاثة أعوام تم خلالها تغيير خانة لعبه من الوسط إلى الهجوم وأثمر ذلك بتتويجه هدافا لدوري الدرجة الثانية وثم الدرجة الأولى في موسمين على التوالي، ليتم إستدعائه في كأس العالم 1978، أعير بعدها إلى نادي بيروجا، وقتها اندلعت قضية التلاعب "توتونيرو" الخاصة بالمراهنات الرياضية، تورطت فيها شركتان وأحد كبار المراهنين، إتهم نادي ميلان بالتواطؤ وتم إسقاطة إلى الدرجة الثانية، وتورط عدة لاعبين من بينهم روسي وتم إيقافه 3 أعوام، يقول روسي مدافعا عن نفسه: كان يجب ان يدفع الثمن شخص مهم، وفهمت بسرعة أنني الضحية التي تم تعيينها.. كنت كبش فداء لمنع ازمة أخطر وأعمق.



مر عامين على الإيقاف وحان وقت الإستعداد لكأس العالم، وكاد الإيقاف أن ينهي مسيرة روسي مبكرا، لولا تدخل مدرب المنتخب الإيطالي إنزو بيرزوت، الذي استغل عقم الهجوم الإيطالي وفشله في كأس الأمم الأوروبية 1980، ليطلب من الرئيس الإيطالي ساندرو بيرتيني العفو عن باولو روسي، وبالفعل تم إصدار العفو عن روسي، وسط إحتجاجات واسعة.

أقيمت بطولة كأس العالم 1982 في أسبانيا، شهدت البطولة مشاركة منتخبات لأول مرة، الكويت، الجزائر، الكاميرون، هندوراس ونيوزيلاندا، وغابت عن المونديال هولندا (وصيف النسخة الماضية)، السويد والمكسيك، وبعد 12 عاما من الغياب عن المونديال تعود إنجلترا، بلجيكا، روسيا وتشيكوسلوفاكيا.



شهدت البطولة لأول مرة مشاركة 24 فريقا بدلا من 16 فريق، تم تقسيمهم إلى 6 مجموعات، وتميزت البطولة بالعديد من المبارايات المثيرة والممتعة، وتعد من أكثر البطولات إثارة بعد مونديال 1970.

في دور المجموعات كانت المفاجأة الأكبر في فوز المنتخب الجزائري على المنتخب الألماني 2-1، بقيادة ماجر وبلومي، كادت الجزائر أن تتأهل لولا مباراة العار بين الألمان والنمساويون والتي سميت بفضيحة خيخون نسبة لملعب المباراة، فكان فوز ألمانيا بهدف وحيد كافيا لتاهل النمسا وألمانيا معا، بعد أن سجل الألمان الهدف الأول أخذ المنتخبين بتبادل الكرات دون أي خطورة على مرمى الفريقين. خرجت الجزائر بشرف رغم أنها تملك 4 نقاط متساوية مع ألمانيا والنمسا.

رابح ماجر نجم الجزائر
وفجر النتخب البلجيكي مفاجأة بفوزة على حاملة اللقب الأرجنتين 1-0، وسط حصار لمارادونا وكمبس. أما من ناحية الأرقام القياسية فهدف الإنجليزي روبسون كان يعد وقتها الأسرع بعد 27 ثانية، وكان ذلك في مرمى المنتخب الفرنسي، وتنتهي المباراة 3-1 للإنجليز. أما البرازيل فكانت أنظار العالم تتوجه إليهم وتنتظر منهم المزيد، فكان المنتخب البرازيلي وقتها مرصع بلاعبين مهاريين على أعلى مستوى كزيكو وسقراط وفالكاو، ولم يخيبوا الآمال وتغلبوا على جميع فرق الدور الأول. أما إيطاليا فقد تأهلت بعد أداء باهت بعد 3 تعادلات واحد سلبي وآخرين إيجابيين.


تأهل إلى الدور الثاني 12 فريقا تم تقسيمهم على 4 مجموعات، المجموعة "أ" روسيا، بلجيكا وبولندا التي تأهلت عن هذه المجموعة، المجموعة "ب" ضمت أسبانيا، إنجلترا وألمانيا الغربية التي تأهلت عن هذه المجموعة، المجموعة "د" ضمت إيرلندا الشمالية، النمسا وفرنسا التي تأهلت عن هذه المجموعة.

أما المجموعة "ج" والتي سميت بمجموعة الموت كونها تضم 3 فرق من الوزن الثقيل وقد سبق لها الفوز بكأس العالم، البرازيل وإيطاليا والأرجنتين. اللقاء الاول جمع بين إيطاليا والأرجنتين، نجح الأدزوري من غلق المنطقة بفضل شيريا وكولوفاتي وبيرغومي، والجزار جينتيلي الذي ذبح مارادونا وأنهى خطورته في المباراة، وبفضل هدفي نجوم الوسط تارديللي وكابريني، انتهت المباراة 2-1.

جينتيللي كان كالظل لمارادونا

البرازيل تفوقت على الأرجنتين 3-1 في مباراة شهدت خشونة البرازيليين على مارادونا الذي لم يتمالك أعصابه فتم طرده من المباراة بعد ركله للمدافع البرازيلي في بطنه. بهذه النتيجة خرجت الأرجنتين من البطولة ودن أن يسجل كمبس هداف البطولة السابقة أي هدف.


المباراة الحاسمة في مجموعة الموت بين إيطاليا والبرازيل، كل الترشيحات انصبت في مصلحة البرازيل، لوجود القوة الهجومية، في مقابل عقم هجومي إيطالي، أما تقدم الأدزوري إلى هذه المرحلة فهو بفضل المدافعين شيريا وجينتيلي وكولوفاتي وبيرغومي ولاعبي الوسط كونتي وتارديللي وكابريني، الفوز أو التعادل بأي نتيجة في صالح السليساو، أما الأدزوري فكان لزاما عليه تحقيق النصر، بعد مرور 5 دقائق فاجاء باولو روسي الدفاع البرازيلي بهدف مباغت، 1-0 لإيطاليا، حتى جاء سقراط بالتعادل للبرازيليين في الدقيقة 12، ليرد روسي مجددا في الدقيقة 25 بهدف ثان، في الشوط الثاني وبعد محاولات وضغط برازيلي، ينجح فالكاو من معادلة الكفة مرة أخرى 2-2، ويعود نجم اللقاء روسي ويرجح كفة الإيطاليين في الدقيقة 74، بعدها طبق الإيطاليين الكاتاناتشو بحذافيرها حتى انتهى اللقاء بنتيجة 3-2. لتتأهل إيطاليا.





في نصف النهائي الأول بين إيطاليا وبولندا، فازت إيطاليا بهدفين لباولو روسي، أما ألمانيا الغربية فقد فازت على فرنسا ونجمها بلاتيني بركلات الترجيح 5-4 بعد التعادل الإيجابي في الوقت الأصلي 3-3.

نهائي كأس العالم 1982 أقيم باستاد سانتياغو بيرنابيو في مدريد، إنتهى الشوط الأول سلبيا رغم وجود ضربة جزاء للإيطاليين أهدرها كابريني، في الشوط الثاني انفجر الإيطاليين رغبة بالفوز فسجل روسي د57، ثم تارديللي د69، ثم ألتوبيللي د81، ومع كل هدف كان الرئيس الإيطالي ساندرو بيرتيني يقوم فرحا ضاربا كل البروتوكولات الرسمية عرض الحائط، وسط إنهيار ألماني، قبل أن يحفظ ماء الوجه المخضرم بول برايتنر د83. إذن إيطاليا بطلة العالم للمرة الثالثة في تاريخها. يتحدث روسي عن النصر الذي تحقق على الألمان في نهائي 1982: "كنا نشعر بأنه ما من قوة يمكن أن توقفنا، وأظهرنا ذلك على أرض الملعب بالسيطرة على المباراة أمام خصم ممتاز".

رفع كابتن الأدزوري وحامي عرينها دينو زوف البالغ من العمر آن ذاك 40 عاما كأس العالم بعد غياب دام 44 عاما، كانت هذه نهاية جيل أسطوري أخرج خلاصة مجهوداته، زوف، جينتيللي، شيريا، كولوفاتي، بيرغومي، أوريالي، تارديللي، كابريني، كونتي، جراسياني، كاوزيو، ألتوبيللي وبالأخص روسي.


باولو روسي الذي أحيى مسيرته الرياضية مرة أخرى بعد أن كادت تنتهي مبكرا. توج روسي كأفضل لاعبي البطولة وهداف البطولة برصيد 6 أهداف، وفي نفس العام تم تسليمه من قبل الإتحاد الدولي لكرة القدم جائزة الكرة الذهبية بصفته أفضل لاعب في العالم، والكرة الذهبية كأفضل لاعب في أوروبا.


لم يكن أكثر المتفائلين في إيطاليا يتوقع أن الأدزوري سيمضي بعيدا في المونديال، بعد فضيحة "توتونيرو" وبعد 3 تعادلات في دور المجموعات، كيف لا وقد وقعت في مجموعة الموت في الدور الثاني وجها لوجه مع البرازيل الأمتع في تلك البطولة والأرجنتين حاملة اللقب، لقد توقعوا خروجا مريرا لمنتخب بلادهم.


أما باولو روسي الذي  تلطخت سمعته بغض النظر عن تورطه أو برائته أصبح مجرما في نظر الإيطاليين قبل كأس العالم، وبعد كأس العالم أمسى ليس بطلا فحسب بل رمز للأمة الإيطالية وأسطورة خالدة في تاريخها الناصع.


صورة حديثة لباولو روسي


No comments:

Post a Comment