Sunday, June 1, 2014

كأس العالم: كارثة ماراكانازو




كارثة ماراكانازو


بعد توقف بطولة كأس العالم 12 عاما بسبب الحرب العالمية الثانية، قرر الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أن يعوض بطولتي 1942 و 1946، لكن "فيفا" لم يعثر على أي من الدول الأوروبية قادرة على الإستضافة بعد أن أنهكت بسبب الحرب، وكان الإتحاد الدولي للعبة يخشى عدم توفر الموارد والأرباح وبالتالي فشل البطولة.

إلى أن جاء الفرج من أمريكا الجنوبية بتقدم البرازيل للإستضافة بطولة كأس العالم لكن بشرط ان تكون في عام 1950 وليس كما كان مقررًا من قبل الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أن تقام عام 1949، يذكر أن البرازيل وألمانيا هما من تقدما بطلب إستضافة كأس العالم لعام 1942، لكن ألمانيا لم تتقدم مرة أخرى ولم تشارك في البطولة الرابعة عام 1950 بسبب إحتلال دول التحالف لها بعد خسارة الحرب العالمية، الأمر ينطبق من حيث المشاركة على اليابان.

واصل الإتحاد الدولي لكرة القدم محاولاته لإنجاح البطولة، وواصل الضغط على المنتخب الإيطالي لحضور البطولة بوصفه حاملا للقب الأخير عام 1938 في فرنسا، لكن إيطاليا كانت للتو خرجت من الحرب خاسرة حالها حال ألمانيا واليابان ولم تعتقد أنه بمقدورها المشاركة وتحمل تكاليف فوق طاقتها، الأمر الذي جعل الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أن يتحمل كافة مصاريف المنتخب الإيطالي في البطولة.

كانت البطولة الرابعة في البرازيل عام 1950 بحق بطولة حافلة بالإثارة والعجائب ولا تخلو حتى من الطرائف، فقد كان من المقرر أن يتأهل 14 فريقا بالإضافة إلى البرازيل المستضيف وإيطاليا حاملة اللقب ليكون الإجمالي 16 منتخبا وطنيا، إلى أنه في نهاية الأمر تقرر أن تلعب البطولة بثلاثة عشر فريقا بينهم الفريق المضيف وحامل اللقب وذلك بعد إستبعاد تركيا واسكتلندا والهند.

ولإستبعاد المنتخب الهندي عن البطولة قصة هي الأكثر طرافة وغرابة، ليس من ناحية الإستبعاد بل حتى من ناحية التأهل، فتأهل المنتخب الهندي إلى البطولة دون أي جهد يذكر عن قارة آسيا، فقد كانت التصفيات الآسيوية لكأس العالم تضم4 منتخبات هي أندونيسيا وبورما والفلبين بالإضافة إلى الهند، وتم إستبعاد الفلبين ثم بورما ثم أندونيسيا وبعد ذلك اعتبرت الهند فائزة بكل المباريات وبالتالي التأهل لأول مرة لكأس العالم، وبدون أن يسجل أي هدف.

كان الهنود ينتظرون البطولة بلهفة وكان من الطبيعي أن يتعرف الإتحاد الدولي لكرة القدم على الفرق المشاركة ونوعية ملابسهم وأحذيتهم، فأجابت إدارة المنتخب الهندي أنهم لا يرتدون أي نوع من الأحذية وإنما يلعبون الكرة حفاة، فتم إستبعاد المنتخب الهندي عن المشاركة بعد رفضهم ارتداء الأحذية وبذلك تبخر الحلم الهندي.

انتهى دور المجموعات من البطولة بمفاجئة مدوية، وهي خروج إيطاليا حاملة لقب البطولتين السابقتين 1934 و1938 من دور المجموعات، فيما تأهل متصدر كل مجموعة وهي البرازيل والأوروغواي وأسبانيا والسويد إلى الدور الثاني، نظام الدور الثاني من هذه البطولة يلعب على شكل دوري مصغر بين الفرق الأربعة المتأهلة إلى هذا الدور.

فكانت الجولة الأخيرة هي الحاسمة بين البرازيل والأوروغواي، بعد أن فاز ت البرازيل على أسبانيا والسويد وحصدت 4 نقاط من فوزين ولها 13 هدفا وعليها هدفين فقط، أما الأوروغواي حصدت 3 نقاط من تعادل وفوز ولها 5 أهداف وعليها 4 أهداف.

كانت المؤشرات تدل على أن البطل هذه المرة هي البرازيل، وكان الشعب البرازيلي بأكملة متاكدا من الفوز بالبطولة إذ كان منتخبهم يحتاج إلى التعادل من لقاء الأوروغواي، درجة التأكد كان مبالغا فيها لدرجة أن اللجنة المنظمة نقشت أسماء لاعبي المنتخب البرازيلي على الميداليات الذهبية.

عمت الأفراح أرجاء البرازيل والإحتفالات بدأت قبل أن تبدأ المباراة الختامية في ملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو، زاد تيقن البرازيليون من الفوز باللقب عندما تقدموا بالنتيجة بعد مرور دقيقتين من بداية الشوط الثاني في الدقيقة 47، وعمت الأفراح التي سبقت الكارثة، فقد جاء رد الأوروغواي بالتعادل في الدقيقة 66، حتى أخرس ألسيندو جيجيا الماراكانا والشعب البرازيلي بأكمله وأفسد إحتفالاتهم بهدف الفوز في الدقيقة 79، تحطم البرازيليون بعدها ولم يستطيعوا احراز هدف يشفع لهم بالظفر بالكأس الغالية، عندها علت أصوات البكاء والنياح أرجاء استاد ماراكانا، لكن الجمهور البرازيلي رسم أجمل لوحة بالتصفيق للأروجواي لأنهم لم يستسلموا وفازوا باللقب بكل جدارة. وسميت بعد ذلك بكارثة ماراكانازو.



كان المنتخب البرازيل يرتدي الألوان البيضاء لكن بعد تلك الكارثة قررت الفيدرالية البرازيلية للكرة بتغيير اللون من الأبيض إلى الأصفر، التشاؤم لم يشمل قمصان المنتخب فقط بل حتى شمل استاد ماراكانا فلم يلعب المنتخب البرازيلي مباراة واحدة لمدة عامين على أرضية هذا الملعب.

قال ألسيندو جيجيا لاحقا: "ثلاثة نجحوا في إسكات ملعب ماراكانا: فرانك سيناترا، البابا وأنا". يذكر أن جيجيا هو الوحيد الذي مازال على قيد الحياة ممن حضر كارثة ماراكانازو.

No comments:

Post a Comment