Sunday, June 8, 2014

كأس العالم: الطائر الجريح



 الطائر الجريح

بعد نهاية كأس العالم 1970، بدأ عقد جديد، كان لأفضل لاعب في العالم وقتها من دولة لم تكن تشتهر سوى بالطواحين والزراعة والتي تعرف بمملكة الأراضي المنخفضة (هولندا)، إنه الطائر الهولندي يوهان كرويف.

كانت عائلة كرويف تقطن بجوار ملعب لومير الخاص بنادي العاصمة الهولندية الشهير أياكس، وكان الصبي يوهان لم يبلغ الثامنة من عمره يتسلق أسوار الملعب يوميا ليشاهد تدريبات ناديه المفضل، رغم تحذير والده من فعل ذلك والذي كان يعمل بقالا، أما والدته فتعمل منظفة في النادي، هذا الأمر الذي ساعده على دخول النادي بعض الأحيان، فلاحظه أحد المهتمين بنادي أياكس وهو يلعب الكرة ولمس موهبه في هذا الصبي ليكون له شأن يوما ما، فسجله في النادي وهو في العاشرة، وهنا كانت نقطة البداية لأسطورة الكرة الهولندية خاصة وأسطورة السبعينات والكرة الشاملة يوهان كرويف، الذي لم يبلغ من العمر 17 من عمره إلا وقد التحق بالفريق الأول لأياكس.


لعب كرويف لنادي أياكس أمستردام من عام 1964 حتى عام 1973، والتحق بالمنتخب الهولندي وهو ابن 19 عاما، حقق لقب الكرة الذهبية كأفضل لاعب في أوروبا عامي 1971 و 1973، فاز بالدوري الهولندي 6 مرات مع أياكس، وكأس هولندا 4 مرات، ودوري أبطال أوروبا 3 مرات، وكأس القارات للأندية مرة واحدة، في عام 1973 إنتقل لنادي برشلونة الأسباني وحقق معه الدوري بعد غياب 14 عاما. كان كل هذا قبل بداية كأس العالم 1974.



 أقيمت كأس العالم 1974 في ألمانيا الغربية، كانت دورة الكرة الشاملة، حيث كانت البطولة مسرحا لعرض مهارات وإبداعات يوهان كرويف وفرانز بيكنباور قائد ألمانيا الغربية وبايرن ميونخ، امتدت المنافسة بينهما من النطاق الأوروبي إلى النطاق العالمي في تلك البطولة.

أما مصطلح الكرة الشاملة يطلق على نظرية تكتيكية تمكن أي لاعب من إشغال مركز لاعب آخر في نفس الفريق باستثناء حارس المرمى، كان مبدأ الكرة الشاملة يتمحور حول خلق المساحة وإشغالها وتنظيمها وكأنك مهندس معماري على أرضية الملعب، ولخصها يوهان كرويف: كرة القدم بسيطة، لكن لعبها ببساطة هو أصعب ما في الأمر.

وقد ظهرت هذه النظرية لأول مرة في الخمسيتيات مع منتخب المجر بقيادة بوشكاش، وتظهر مرة أخرى على يد مدرب أياكس ومنتخب هولندا في نهاية الستينيات رينوس ميلخر. 

سجلت البطولة غياب كل من إنجلترا وروسيا بعد فشل الأولى في التأهل للبطولة، ورفض الثانية للعب مباراة فاصلة مع تشيلي لأسباب سياسية.

في دور المجموعات تأهلت ألمانيا الغربية ثانية خلف ألمانيا الشرقية، الأمر الذي أبعدها عن مواجهة البرازيل وهولندا والأرجنتين، أما هولندا فقد تصدرت مجموعتها بفوزين وتعادل.

شهدت البطولة موفقا طريفا في مباراة البرازيل وزائير، كان الحكم قد احتسب ركلة حرة للمنتخب البرازيلي وحين اطلق الحكم الصافرة بدأ اللعب قام ألونجا ظهير المنتخب الزائيري بتشتيت الكرة، فأشهر الحكم البطاقة الصفراء في وجهه. يشرح ألونجا الموقف لاحقا: أنه بعد هزيمتهم القاسية في المباراة الثانية من يوفوسلافيا 0-9، قام رئيس البلاد بتهديدهم في حالة خسارتهم بـأكثر من ثلاث أهداف مجدداً، لكنهم أخيرا نجحوا في ذلك وخسروا اللقاء الأخير من البرازيل 0-3.


في الدور الثاني لأول مرة يكون بنظام مجموعتين، المتصدر يتاهل مباشرة إلى نهائي ميونخ. المجموعة الأولى ضمت البرازيل حاملة اللقب وألمانيا الشرقية وهولندا والأرجنتين، تفوقت هولندا بقيادة الطائر كرويف على جميع الفرق حتى البرازيل التي كانت تائهة بدون بيليه التي افتقدته بعد الإعتزال رغم وجود أبطال العالم ريفيلينو وجيرزينيوفركنوا إلى العنف والركل بدون كرة وشهدت المباراة كم كبيرا من البطاقات الملونة، في المجموعة الثانية تصدرت ألمانيا الغربية على حساب بولندا والسويد ويوغسلافيا. لتتأهل هولندا وألمانيا الغربية إلى النهائي.



في 7 يوليو 1974 أقيم نهائي كأس العالم العاشرة في استاد ميونخ الأوليمبي، في البداية تناقل الهولنديون الكرة في ما بينهم وبدأ الإنتشار وتغيير المراكز بين اللاعبين بشكل واضح إلى أن استلم كرويف الكرة وأخذ يجول بالكرة في ثلثي الملعب حتى توغل بين الدفاعات الألمانية إلى أن تمت عرقلته من قبل المدافع الألماني بيرتي فوغتس على رأس منطقة الجزاء، ويحتسبها الحكم ضربة جزاء، انبرى لها يوهان نيسكينز محرزا هدف التقدم للطواحين الهولندية في الدقيقة الثانية، ليكون أسرع هدف في تاريخ المباريات النهائية لكأس العالم، بداية دارماتيكية لمباراة نهائية، تلاعب كرويف ورفاقه بالمنتخب الألماني حتى الدقيقة 24، عندما احتسب الحكم ضربة جزاء للمانشافت الألماني، وضعها بول برايتنر على يمين الحارس جان جونغبلويد معلنا التعادل في الدقيقة 25، أتبعه جيرد مولر بهدف ثانٍ في الدقيقة 43 وكأن الهدف الهولندي المبكر أثر على سلبيا على أداء اللاعبين، لينتهي الشوط الأول بهذه النتيجة 2-1 لألمانيا، عند صافرة النهاية سدد ويليام فان هانيجيم الكرة بقوة في اتجاه الحكم فاضطر الحكم لإنذاره شفهيا لكن كرويف هاجم الحكم بشدة بسبب عدم حمايته من عنف المدافع الألماني فوغتس، لذا وجه له الحكم البطاقة الصفراء الأولى في التاريخ كونها خارج وقت المباراة، في الشوط الثاني سيطر الهولنديون لكن دون جدوى فقد أضاع الهولنديون فرصا كثيرة محققة وقف لها الحارس الألماني العملاق سيب ماير سدا منيعا، لتنتهي المباراة بفوز ألمانيا الغربية للمرة الثانية في تاريخها وليعيد التاريخ نفسه مع ألمانيا عندما قابلت الفريق الأقوى في العالم وقتها المجر في نهائي عام 1954، ها هي تعيد الكرة أمام المنتخب الأقوى في ذلك الوقت هولندا بعد تأخرها. ليرفع قيصر الكرة الألمانية فرانز بيكنباور كأس الفيفا الجديد وسط حزن وجراح الهولندي الطائر وبكاء الهولنديين.


لعب يوهان كرويف لمنتخب هولندا 48 مباراة سجل 33 هدفا ما بين عامي 1966-1977، أجمل لحظات هذا القائد البارع عندما قاد منتخب بلاده إلى المباراة النهائية وأمتع العالم بمهاراته وتوغلاته، شعر الكثير بالحزن لأنه لم يتمكن من الفوز بكأس العالم 1974، لذلك وقف الجمهور وصفقوا لهذا النجم وتمنوا له الفوز بالبطولة المقبلة في الارجنتين.  


طريقة كرويف في التخلص من مراقبة المدافعين

واصلت الكرة الهولندية تسيدها للكرة العالمية بالكرة الشاملة، وكذلك الهولندي الطائر كرويف الذي نال الكرة الذهبية لعام 1974، حتى قبل نهائيات كأس العالم في الأرجنتين 1978، وقتها تلقى العالم وهولندا خصوصا الخبر المحزن بإعتزال يوهان كرويف كرة القدم دوليا بعد تلقيه تهديدا بالقتل إن سافر إلى الأرجنتين.

ورغم افتقاد المنتخب الهولندي لقائده كرويف في الأرجنتين 1978 إلا أنه وصل إلى النهائي، لكنه يومها افتقد كرويف، وخسر الهولنديون في الأشواط الإضافية 3-1. وبذلك تنتهي حقبة ذهبية للكرة الشاملة.



No comments:

Post a Comment